غضب الأردنيين من الضرائب يطارد الوزراء بالمحافظات
|أيمن فضيلات-عمان
ولم تتوقف حالة الاحتقان على محافظة معينة أو شريحة اجتماعية محددة بل عمت أرجاء المملكة، ومن سوء طالع الطاقم الوزاري أن جولاته جاءت في منتصف الشهر وهو الوقت الذي تنفد فيه الرواتب وتفرغ جيوب الأردنيين من الأموال ويبدؤون مرحلة الاستدانة.
كما أن الحماية الأمنية المشددة المرافقة للطاقم الوزاري ومحيط أماكن الاجتماعات لم تحل دون طرد المواطنين الغاضبين للوزراء في ثلاث محافظات والانسحاب من اللقاء بمحافظات أخرى.
جانب من الحضور في أحد اللقاءات الوزارية (الجزيرة) |
حسن سلوك
حالة السخط الشعبي تستثمرها الحكومة -بحسب محللين- في توجيه رسالة إلى صندوق النقد الدولي الضاغط على الأردن لتمرير هذا القانون بحجة الإصلاح المالي ومنح المملكة شهادة حسن سلوك لمزيد من الاقتراض من الدائنين الدوليين.
في المقابل، فإن لهذه الخطوة محاذير خطيرة يراها وزير المالية السابق سليمان الحافظ في تصريح للجزيرة نت وقد تكون سلاحا ذا حدين، فقد تصل رسالة إلى صندوق النقد والبنك الدولي بأن الحكومة ضعيفة وغير قادرة على اتخاذ قرار، فكيف له أن يمنحها تسهيلات للاقتراض للسداد وخدمة الدين.
ويرى الحافظ أن مشروع قانون ضريبة الدخل المعروض للنقاش يضم جملة من الثغرات، وشعور الحكومة بذلك هو ما دفعها إلى هذا الخيار، فمقولة إن الذين سيتأثرون بالقانون هم فقط الأغنياء ليست دقيقة ومبالغ فيها.
ويذكر الحافظ أن من أبرز الثغرات فرض ضريبة على المتاجرة بالأسهم في الوقت الذي يعاني فيه سوق عمان المالي من تراجع وتباطؤ نتيجة انخفاض نسب النمو في الناتج المحلي الإجمالي وعجز الموازنة.
وتابع أن ضريبة المسقفات تحسم من الضريبة المستحقة ولا تدخل في الوعاء الضريبي، لأن ذلك سيؤدي لدفع الضريبة مرتين، مما سيحد من الاستثمار في قطاع العقارات المؤثر بشكل إيجابي في الاقتصاد الأردني.
ويتساءل الحافظ: لماذا هذه السرعة في إقرار القانون؟ ويرى أنه على الحكومة تأجيل البت فيه لسنة كاملة تأخذ فيها الحكومة وقتها في البحث والتعديل بالوعاء الضريبي برمته، خاصة ضريبتي المبيعات والدخل، والخروج بقانون يرضي المواطنين ويعزز الثقة بالحكومات.
ويرى أن أصل المشكلة القائمة حاليا أن المواطنين يقفون ضد دفع الضرائب، لأنهم لم يشعروا بأن خزينة الدولة لهم ولا يحصلون على أفضل الخدمات في الصحة والتعليم “لذلك علينا إقناع الناس بأن الضريبة عائدة عليهم”، وختم حديثه بالتأكيد على ضرورة الاستمرار في الحوار وعدم تأزيم الأمور.
الثقة بالنظام
من جهته، يقيم وزير التنمية السياسية السابق بسام حدادين الجولات الوزارية بـ”غير الموفقة”، لأن الجمهور لا يمكن أن يقتنع بكاريزما الوزراء والكلام المجرد، فهو بحاجة إلى أن يلمس أن الضرائب لا تتصاعد وتعود بالنفع عليه.
واعتبر في هذه الحالة أنه لا بد من حدوث هذا الاشتباك بين المزاج الشعبي المتحفز منذ فترة طويلة بسبب ضنك العيش والضغط الاقتصادي والاجتماعي وبين الحكومات التي لا تزال تفكر داخل الصندوق وهمها زيادة الإيرادات المالية من جيوب المواطنين.
وأمام حالة الهجوم على الحكومة وسياساتها يرى حدادين -في حديثه للجزيرة نت- أن اللقاءات أظهرت أن ثقة الأردنيين بالنظام السياسي ورأس الدولة لم تتأثر بشكل سلبي، وأن حالة تنفيس الغضب بأشكال ومستويات مختلفة لا تعني أن الثقة سقطت.
لكنه لفت إلى أن ثقة الأردنيين بأدوات النظام هي التي سقطت، وستبقى الثقة مهزوزة بأدوات الحكم التي يستخدمها النظام حتى يتوازى الإصلاح السياسي بالإصلاح الاقتصادي وتتخذ القرار الاقتصادي مؤسسات منتخبة ديمقراطيا وبنزاهة، مما يعيد ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة.
المصدر : الجزيرة