المغرب يطلق أول إذاعة موجهة لنزلاء السجون
|عزيزة بوعلام-الدار البيضاء
على وقع ألحان وكلمات النشيد الوطني المغربي، انطلقت بالمغرب أول إذاعة عربيا وأفريقيا تبث برامجها المتنوعة مباشرة إلى زنازين السجناء.
وعبر أثير إذاعة “إدماج” تردد صوت المذيعين عبر مكبرات الصوت في أرجاء فضاءات مجمع سجن “عين السبع” بمدينة الدار البيضاء، مثيرا انتباه النزلاء والنزيلات إلى تجربة إعلامية داخلية غير مسبوقة.
ترى المؤسسة العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أنها قادرة على إحداث دور كبير في توعية معتقلين ضلوا طريقهم خارج أسوار السجن.
حسن حمينة: الإذاعة تهدف إلى خلق برامج تسعى لتحسين المعارف وتهذيب سلوك النزلاء (الجزيرة نت) |
البث الأول
ومن خلف الميكروفون، أعلن أحد أفراد الطاقم الصحفي بالإذاعة، يونس عثماني، عن شبكة البرامج الخاصة بنزلاء السجن في بث أولى أيام الإذاعة من داخل أسوار أكبر مؤسسة سجنية بالمغرب.
وبذلك يكون أول سجن يرسم فيه طاقم إعلامي من أطر المؤسسة حلما، قد يكون بسيطا لدى البعض لكنه يعادل الحياة لهؤلاء المعتقلين الذين شاءت الأقدار أن تقيد حريتهم.
وللجزيرة نت تحدث مدير الإدماج والعمل الاجتماعي بالمؤسسة حسن حمينة، أن البث في البداية سيقتصر على هذا السجن، في حين ستكون تغطية باقي المؤسسات السجنية في المستقبل.
وبلغ عدد السجناء في 78 معتقلا بالمملكة، 82 ألفا و512 سجينا إلى حدود شهر فبراير/شباط الماضي وهو الأعلى مغاربيا، حسب ما كشف عنه تقرير المعهد الدولي.
وتذاع عبر إذاعة إدماج في ساعتين من البث يوميا في البداية، ثمانية برامج متخصصة موجهة لجمهور السجناء بمختلف فئاتهم العمرية، وهي “عن قرب، روح المواطنة، الإدماج بعد الإفراج، مغرب الحضارات، لي ليا ولي عليا، مبادرة وإبداع، علم وعمران، إهداءات”.
تثقيف السجناء
وتراهن المندوبية حسب حمينة، على أن تحقق هذه البرامج المقترحة هدف تثقيف السجناء وتوفير خدمات تتيح لهم الانفتاح على محيطهم الخارجي، في مجال تطوير وملء ساعات الفراغ التي يقضونها وراء القضبان.
وتحدث حمينة عن حرص إذاعة إدماج على إبراز مواهب وإبداعات السجناء في مختلف المجالات، مع إشراك أكبر عدد ممكن منهم حسب المواضيع المتناولة في البرامج خاصة الحوارية.
ولفت النظر إلى أن عامل السلوك سيكون هو مقياس الاختيار لعل ذلك يكون حافزا لعدد منهم لتغيير سلوكه.
وقالت إدارة إذاعة السجن إنها تعمل مع عدد من الشركاء على تحديد أهم المشكلات التي تواجه السجناء، وكيفية إلقاء الضوء على هذه المشكلات والقضايا ذات الأهمية والملحة للمسجونين عبر البرامج اليومية.
وضمن شركاء المندوبية في إحداث “إذاعة إدماج” التي تشكلت ملامحها منذ عام 2016، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والرابطة المحمدية للعلماء، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية.
وتتوقع المندوبية وفق حمينة أن يساهم افتتاح هذه الإذاعة بالخصوص في محاربة ظاهرة العود للجريمة بعد انقضاء مدة المحكومية، عبر خلق برامج تسعى إلى تحسين المعارف وتهذيب سلوك النزلاء تفاديا لاقتراف الأفعال نفسها مرة أخرى.
إدماج النزلاء
و يرى يونس عثماني أن برامج الإذاعة تصب في هدف واحد هو التحفيز على إعادة إدماج النزلاء داخل المجتمع بعد الإفراج عنهم.
وتعاني السجون المغربية من ارتفاع نسبة العود للجريمة في صفوف السجناء، إذ تبلغ نسبا تقدر بحوالي 36%، وفق ما كشف عنه المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالمغرب، محمد صالح التامك، بالبرلمان العام الماضي.
واعتبر متتبعون أن إطلاق إذاعة خاصة داخل أسوار السجن تجربة سيكون لها أكبر الأثر في الحياة اليومية للسجناء.
واعتبرت أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، خلود السباعي، أن المبادرة من شأنها أن تخلق عالما موازيا للنزلاء.
وأضافت للجزيرة نت أنه من المجدي دعم هذا التوجه، بأن تصل هذه المحطة الإذاعية للتواصل مع السجناء عبر أثيرها من داخل السجن، إلى مرحلة البث العلني من أجل تغيير نظرة المجتمع النمطية عن السجين واحتوائه.
المصدر : الجزيرة