اشتباكات طرابلس.. تعرقل الانتخابات وتطيل أزمة ليبيا
|فؤاد دياب-الجزيرة نت
منذ دخول حكومة فايز السراج المعترف بها دوليا إلى العاصمة الليبية طرابلس أواخر مارس/آذار 2016، لم تشهد العاصمة توترا أمنيا واشتباكات مسلحة مثل الذي تشهده هذه الأيام، وقد وصف مراقبون هذه الاشتباكات بالأعنف منذ أربع سنوات.
واندلعت الاشتباكات المسلحة منذ نحو أسبوع في مناطق متفرقة جنوب العاصمة طرابلس، بين قوات وكتائب تابعة لحكومة الوفاق تتمركز بطرابلس، وقوات قادمة من مدينة ترهونة تدعي تبعيتها لحكومة الوفاق تحت اسم اللواء السابع مشاة، رغم نفي الأخيرة تبعية هذا اللواء لها.
وتضم الكتائب والقوات المسلحة المشاركة في القتال كتيبة ثوار طرابلس، وقوة الأمن المركزي فرع أبو سليم المعروفة بغنيوة، وقوة الردع الخاصة، وكتيبة النواصي.
وتحارب الكتائب السابقة ضد اللواء السابع القادم من ترهونة الذي يقوده محمد الكاني ويضم في صفوفه أفرادا محسوبين على ثورة فبراير وضباطا وعساكر من اللواء 32 معزز، وهم محسوبون على النظام السابق، حيث انضم القيادي صلاح بادي الذي يقود مجموعات مسلحة من مدينة مصراتة إلى المعركة ضد الكتائب المحسوبة على حكومة الوفاق الوطني.
وأعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق حالة الطوارئ في العاصمة طرابلس وضواحيها، وتشكيل لجنة لتنفيذ الترتيبات الأمنية الواردة في الاتفاق السياسي، واصفا ما يحدث بأنه عبثٌ بأمن العاصمة وسلامة مواطنيها، وأن ذلك يدخل في إطار عرقلة العملية السياسية.
وكلف السراج بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي الأحد الماضي قوة مكافحة الإرهاب بالتوجه إلى جنوب طرابلس لفض النزاع، وتأمين المنطقة، وتسليم المعسكرات ومقار الوحدات العسكرية لوحداتها السابقة التي كانت متمركزة بها.
لا انتخابات
ويقول عضو المجلس الأعلى للدولة عن مدينة طرابلس عبد الرحمن الشاطر، إن أحداث الاقتتال في طرابلس ستعطل إلى حد كبير مواصلة العمل في سياق المسار السياسي؛ لاستمرار الاشتباكات وعدم حسمها بعد.
ويستبعد الشاطر في حديث للجزيرة نت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية هذا العام، مرجحا أن تجرى منتصف العام القادم، وأن تقتصر على انتخاب جسم تشريعي توكل إليه مهمة تشكيل حكومة، واختيار رئيس تشريفي محدود الصلاحيات.
أما رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان، فقد وصف ما يجري في العاصمة بأنه تقويض للمسار السياسي مهما كانت مبرراته، قائلا إن هذا التحرك المسلح فاقد للشرعية، وبعض أطرافه مشبوهة الانتماء والغايات.
ويرى صوان في حديثه للجزيرة نت أن الحل للخروج من هذه الأزمة هو عودة فريقي الحوار عن مجلسي النواب والدولة إلى الالتقاء، والاتفاق على حل ينهي الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على تهيئة المناخ للذهاب إلى انتخابات، مشيرا إلى أنه في حال فشل خيار الانتخابات يبقى الذهاب إلى البديل وهو المؤتمر الوطني الجامع.
ولاقت الاشتباكات الدائرة في طرابلس إدانات محلية ودولية مستمرة، استنكرت القصف العشوائي لمنازل المدنيين وتصاعد حدة العنف، وسط مطالبات بوقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بوساطة من البعثة الأممية ولجان المصالحة الوطنية.
ورغم التوصل إلى هدنة يوم الجمعة الماضي بعد مساعٍ بذلها أعيان وحكماء بعض المناطق لتهدئة الأوضاع ووقف إطلاق النار، وفتح المجال أمام قوات المنطقتين الوسطى والغربية المكلفتين من المجلس الرئاسي لفض النزاع، لم تستمر الهدنة سوى ساعات معدودة، نتيجة خرق أحد الأطراف لها.
أفراد من قوة الردع الخاصة التابعة لحكومة الوفاق في مقر قاعدة معيتيقة بطرابلس (الجزيرة-أرشيف) |
إطالة الأزمة
من جهته قال المحلل السياسي أسامة كعبار إن المسار السياسي للبعثة الأممية “ولد ميتا سريريا”، ولم يقدم للبلاد غير التأجيل والتسويف وإطالة عمر الأزمة.
وعما يحدث في طرابلس قال كعبار للجزيرة نت إنها عملية ثلاثية الأبعاد وذات مصالح مختلفة يصعب التكهن بنتائجها النهاية، الرأي الذي اتفق معه الناشط السياسي محمد فؤاد الذي قال إنه من الصعب والمبكر توقع مستقبل المسار السياسي للبعثة الأممية نظرا لاختلاف انتماء وتوجهات المجموعات القادمة لطرابلس.
وأسقطت الاشتباكات أكثر من 45 قتيلا و129 جريحا أغلبهم من المدنيين، وفق إحصاء صدر عن وزارة الصحة بحكومة الوفاق، إضافة إلى تضرر عدد من منازل المواطنين ونزوح بعض العائلات من مناطق الاشتباكات.
المصدر : الجزيرة