إدلب.. رهينة التوقعات ونذر معركة على الأبواب
|عمار خصاونة-الجزيرة نت
“وضاقت عليهم الأرض بما رحبت”، هكذا وصفت قناة العالم الإيرانية الموالية للنظام السوري وضع المعارضة في سوريا، عندما لم يتبق لها وجهة سوى إدلب.
إدلب المحافظة التي تعيش اليوم مع الأرياف الخاضعة لسيطرة المعارضة مصيرا يبدو أنه مجهول، وتصريحات متضاربة تضع المنطقة رهن التوقعات.
فبعد إحكام سيطرة النظام السوري على محافظة درعا وتلتها محافظة القنيطرة وكانت قد سبقتها الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، لم يتبق سوى آخر مناطق خفض التصعيد حسب “أستانا” وهي إدلب التي باتت اليوم موطن من تهجروا من سابقاتها من ثوار وفصائل تتبع للمعارضة ومدنيين تجاوز عددهم المليون ونصف المليون، بحسب ناشطين.
ويذكر المحلل العسكري العميد أحمد رحال، في تصريحه للجزيرة نت، أن المعطيات على الأرض تنذر بالحرب، فباعتبار إدلب وما يحيط بها من أرياف اللاذقية وحماة وحلب هي آخر منطقة لخفض التصعيد لم تدخل تحت سيطرة النظام السوري، والأرتال الإيرانية التي تصل إلى حمص ومناطق قرب حماة، والأرتال العسكرية التي تخرج من الجنوب السوري إلى الشمال عابرة دمشق، كلها دلائل على حرب قادمة.
وأوضح أن ذريعة هيئة تحرير الشام ستكون سببا للانقضاض على المنطقة حتى لو لم تكن هناك هيئة تحرير الشام.
قوات عسكرية تركية في شمال سوريا (الجزيرة-أرشيف) |
المعركة القادمة
ويرى ناشطون أن المعركة القادمة ستكون وهمية وهي تهدف لتسليم الطرق الرئيسية “أوتستراد حلب-دمشق” و “أوتستراد حلب-اللاذقية” للنظام السوري، وتطبيق اتفاقية أستانا شرق وغرب السكة الحديدية مناصفة بين المعارضة والنظام والفاصل نقاط مراقبة تركية روسية.
وعلى الصعيد العسكري الميداني، قال النقيب ناجي مصطفى، المتحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير، للجزيرة نت إنهم رفعوا الجاهزية للدرجة القصوى بين فصائل المعارضة في الشمال السوري.
وأضاف أنهم يعملون على تدعيم تحصيناتهم وتوزيع قواتهم وتنسيق خططهم الدفاعية إذا ما شن النظام السوري مدعوما بحلفائه هجوما على المنطقة، وخطط هجومية لتعزيز موقف الدفاع، دون أن ينوه للأهداف المحتمل ضربها في حال الهجوم عليهم.
في السياق ذاته ذكر العميد رحال في تصريحه، أن المعارضة كانت منقسمة إلى فريقين، الأول يرى أن الضمانات التركية كافية لضمان عدم شن أي هجوم عسكري، والثاني يرى بضرورة تنظيم الصفوف وعدم الركون فقط للداعم والضامن التركي.
ومن هنا بدأت المعارضة المسلحة بالعمل على أربعة محاور، كان أولها تنظيم غرف العمليات وإنشاء الجبهة الوطنية للتحرير التي تضم 20 فصيلا، خمسة منها من كبرى الفصائل في الشمال السوري.
أما بالنسبة للمحور الثاني، فقد جرى العمل على تنظيم منظومات الدفاع المدني ومنظومات الدفاع العسكري على الجبهات، والمحور الثالث قام على بدء عملية أمنية واسعة للقبض على الخلايا التي تزعزع أمن المنطقة سواء تلك التابعة لتنظيم الدولة أو التابعة للنظام السوري والعاملة على نشر فكرة المصالحات.
الخطاب السياسي
أما بالنسبة للمحور الرابع فهو توجيه الخطاب السياسي نحو واقع مرير يهدد حياة ثلاثة ملايين ونصف مليون نسمة -نصفهم ممن هجروا من مناطق أخرى في سوريا- إذا ما تعرضت المنطقة لهجوم عسكري، لا سيما أنه لن تكون هناك مناطق لتهجير أهالي إدلب، ولن يكون هناك فتح للحدود التركية.
وقد ذكرت وسائل إعلام منتصف الشهر الماضي إدخال تركيا أرتالا عسكرية إلى الشمال السوري وتحديدا إلى إدلب، وهو ما أكده النقيب ناجي مصطفى، موضحا أن هذه الأرتال دخلت لتدعيم نقاط المراقبة التركية التي تبلغ 12 نقطة متوزعة في الشمال المحرر، حسب تعبيره.
وفي هذا قال العميد رحال إن تركيا توصل رسالة من إدخالها للأرتال بأنها قادرة على ضمان المنطقة والتعامل معها بعيدا عن أي عمل عسكري، وما يدعم هذا هو تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حينما قال إنهم على استعداد لنسف اتفاق أستانا إذا ما كان هناك هجوم عسكري على الشمال السوري، حسب تعبير العميد رحال.
ويرى البعض أن إدلب أو بعض مناطقها من الممكن أن تكون نقطة مساومة تركية روسية مقابل المشروع التركي في الشمال السوري “عفرين، تل رفعت، منبج“، وأكد النقيب ناجي مصطفى أنه أمر مستبعد، وفي هذا يضيف العميد رحال أن تركيا هي المتضرر الأكبر كما الشعب السوري من وجود النظام قرب حدوده.
وأشار إلى نقطة يغفلها الكثيرون، على حد تعبيره، أن الموقف التركي يتماشى حسب موقف الفصائل، فبصمودها يكون قويا وبضعفها يضعف.
المصدر : الجزيرة