أي معاناة احترق في نارها اللبناني جورج زريق؟

وسيم الزهيري-بيروت

اهتز الشارع اللبناني على وقع انتشار خبر وفاة المواطن جورج زريق إثر إقدامه على حرق نفسه في باحة إحدى المدارس الخاصة شمالي البلاد وذلك بعد عجزه عن تسديد الأقساط المدرسية المتراكمة لابنته.
 
وبغض النظر عن رواية عائلة زريق عن رفض إدارة المدرسة منح الابنة إفادة لنقلها إلى مدرسة حكومية قبل تسديد الأقساط، وتأكيد المدرسة إعفاء زريق من الرسوم سابقا فإن هذه الواقعة تظهر دقة الأوضاع المعيشية وتداعياتها على فئة كبيرة من الشعب اللبناني.
 
ولقيت قصة زريق تعاطفا كبيرا في الشارع اللبناني، وأطلق عليه البعض لقب “شهيد الفقراء” و”بوعزيزي لبنان”، في إشارة إلى التونسي محمد البوعزيزي الذي أطلقت حادثة إحراقه لنفسه شرارة الثورة التونسية في ديسمبر/كانون الأول 2010.

انتشار خبر وفاة زريق كان سريعا، وأعقبه غضب كبير ونقمة على السياسات الحكومية في شتى المجالات، ومنها الإهمال الذي يصفه البعض بالمتعمد للتعليم الرسمي وقطاعاته المختلفة، ما يدفع الكثيرين للجوء إلى التعليم الخاص على الرغم من أوضاعهم الصعبة سعيا منهم لتأمين مستقبل أفضل لأولادهم.

ويرى الخبير التربوي محمد الأمين أن هناك اعتقادا سائدا لدى السواد الأعظم من الناس بأن المؤسسات التربوية الرسمية تعاني انخفاضا في مستواها التعليمي، ولا سيما في المراحل الابتدائية، مشيرا إلى أن هذا الاعتقاد منطقي.

وبينما أشار الأمين في حديث للجزيرة نت إلى أن التعليم الرسمي في مرحلتيه المتوسطة والثانوية شهد تحسنا ملحوظا لفت إلى مفارقة تتمثل في لجوء المدارس الخاصة للاستعانة بمدرسين من التعليم الرسمي برواتب عالية، إضافة إلى تبوؤ طلاب التعليم الحكومي مراتب متقدمة في الامتحانات الرسمية.

وزارة التربية والتعليم العالي قررت فتح تحقيق في ملابسات وفاة جورج زريق (الجزيرة)

اللجوء للتعليم الخاص
الأمين تحدث عن مشكلة تتمثل في ضعف تعليم اللغات الأجنبية في المراحل الابتدائية لدى المدارس الحكومية، وهو ما يدفع الأهل إلى اللجوء للتعليم الخاص.

وانتقد غياب خطة إستراتيجية للنهوض بالتعليم الرسمي، وقال إنه لا يعتقد بوجود نية جدية لدى الجهات الرسمية لرفع مستوى المدارس الحكومية، لافتا إلى أن التدخلات السياسية في بعض المؤسسات التربوية الرسمية انعكست سلبا على مستواها.

وبشأن الحديث عن ارتفاع أقساط المدارس الخاصة، قال الأمين إن هناك أقساطا مبالغا فيها، متسائلا عن ماهية الخدمة المختلفة والمميزة التي تقدمها تلك المدارس التي تتقاضى ما يزيد على عشرة آلاف دولار عن الطالب الواحد.

بلغت موازنة وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان العام الماضي نحو 1.4 مليار دولار، في حين يبلغ عدد الطلاب في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي نحو مليون طالب، منهم 30.7% في المدارس الرسمية، و13.2% في المدارس الخاصة المجانية، و52.7% في المدارس الخاصة غير المجانية، في حين يستفيد الطلاب الفلسطينيون من مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للأمم المتحدة.

وبحسب المؤسسة الدولية للمعلومات، فإن عدد المدارس في لبنان هو 2885 مدرسة، بينها 1256 رسمية، و366 خاصة مجانية، و1197 خاصة غير مجانية.

ثلث سكان لبنان فقراء
وقال الخبير في التنمية البشرية أديب نعمة إن دراسات عديدة -وبعضها للبنك الدولي– أظهرت أن نحو ثلث سكان لبنان فقراء، ولفت إلى أن نحو 35% من الناس يلجؤون إلى المدارس الحكومية لتعليم أبنائهم، إضافة إلى لجوء نحو 10% للمدارس المجانية أو شبه المجانية.

وأضاف نعمة في حديث للجزيرة نت أن نسب الفقر هذه تتضاعف في المناطق الفقيرة في الأطراف، مشيرا إلى أن منطقتي عكار وطرابلس في الشمال هما من أبرز الأماكن في لبنان من حيث عدد الفقراء، الأمر الذي يتجلى بأعلى نسبة تسرب مدرسي وعمالة أطفال، إضافة إلى ظروف سكنية سيئة، ما يدفع الناس إلى اليأس.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!