صحيفة تركية: ماذا تريد أميركا مقابل تخليها عن الوحدات الكردية بسوريا؟

يقول كاتب تركي إن الولايات المتحدة ترغب في فتح قواعد عسكرية لها شمالي العراق، مقابل تخليها عن دعم الوحدات الكردية شمالي سوريا.

ويشير الكاتب زكريا كورشون في مقاله بصحيفة “يني شفق” التركية إلى أن بعض المعارضين يرون في قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سوريا تغيرا في سياسة بلاده تجاه الشرق الأوسط.

غير أن الكاتب لا يرى أن الولايات المتحدة غيرت إستراتيجيتها الثابتة تجاه الشرق الأوسط، بل يرى أنها غيرت فقط تكتيكها في تنفيذ الإستراتيجية نفسها التي كانت تعمل بها سابقا.

ويضيف كورشون أن تصريحات ترامب أثناء مكالمته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وربطه الانسحاب من سوريا بجدول زمني، ثم إنكار هذا الأمر، إضافة إلى تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون من إسرائيل؛ كلها تبيّن أن الولايات المتحدة لم تغير سياستها.

الصحيفة: واشنطن غيّرت فقط تكتيكها في تنفيذ الإستراتيجية الأميركية بالشرق الأوسط (رويترز)

سياسة أميركية
ويضيف كورشون أن المتمعن في النظر يمكنه أن يرى عدم تغير السياسة الأميركية في المنطقة؛ فالسياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط لم تتغير من تلقاء نفسها خلال العقدين الماضيين، وأن ما يجري اليوم هو فقط تغير في طريقة عرض تلك السياسة.

ويشير إلى أن ترامب -الذي يحاول أن يبدو في بلاده بطلا- يعمل على إثارة الرأي العام الأميركي بهذا القرار، حيث يتسبب في استفزاز معارضيه لمهاجمته بهذه الصورة، وذلك كي يجمع الرأي العام حوله.

ويرى الكاتب أن تصريحات بولتون المستفزة من إسرائيل، ثم ظهوره بشكل أحمق في أنقرة، هو جزء من هذه السياسة.

ويؤكد كورشون أن الانسحاب الأميركي من سوريا لن يكون سهلا، بل سيكون مثقلا بالكثير من المفاوضات إزاء ملفات سيقدمها كل طرف له علاقة بالأمر.

الكاتب: قرار الولايات المتحدة بسوريا سيتضح في ضوء زيارة مايك بومبيو إلى مصر والأردن ودول الخليج  (الأناضول)

أمران اثنان
ويقول كورشون إن سياسة الولايات المتحدة تقوم على أساسين اثنين، وهما: أمن إسرائيل، والمحافظة على إنتاج البترول وضخه من الخليج.

ويوضح الكاتب أن الولايات المتحدة تحرص على إظهار أن أمن إسرائيل أولويتها، ولهذا زار بولتون إسرائيل قبل تركيا، وذلك من أجل إثبات حسن النوايا الأميركية تجاه إسرائيل، كما أن تصريحاته من هناك بشأن حماية الوحدات الكردية، والتي تعتبر الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، كانت من أجل حماية حلفاء أميركا غير القانونيين، لأنها هي من أنشأتهم ورعتهم. 

ويشير كورشون إلى أهمية تزامن زيارة بولتون إلى تركيا وإسرائيل مع جولة الزيارات التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى مصر والأردن ودول الخليج، ويقول إن قرار الولايات المتحدة النهائي سيكون واضحا في ضوء زيارات بومبيو وليس زيارات بولتون.

تصريحات جون بولتون من إسرائيل تبين أن الولايات المتحدة لم تغير سياستها (الأوروبية)

أمن إسرائيل
ويقول الكاتب التركي إن وراء تصريحات بولتون مفاوضات في ملفين اثنين، ولكن لا نعرف إن استطاع بولتون أن يطرحهما في تركيا، فتصريحات الرئاسة التركية تبين أن بولتون قام بالمساومة في ملفات متنوعة.

ويضيف الكاتب أن واشطن ستسحب دعمها للوحدات الكردية في سوريا دون الإضرار بأمن إسرائيل، حيث تريد أن تسحب قواتها من سوريا إلى شمال العراق.

ويبين الكاتب أن أردوغان والرئيس العراقي برهم صالح تناولا هذه القضية بشكل مطول خلال زيارة الأخير لأنقرة، حيث يهدف ترامب من خلال هذه الخطوة إلى العودة لسياسات 2003، والسيطرة على تحركات إيران في المنطقة.

ويقول الكاتب إن هذه الخطة تضر الحكومة المركزية في بغداد، كما أنها لا تلبي مطالب تركيا، ويضيف أن هدف تصريحات بولتون من إسرائيل كان فتح باب المفاوضات في هذا الخصوص، إذ إنه في حال انسحبت القوات الأميركية من سوريا، فإنها ستبقى فترة في القاعدة الأميركية في مدينة أربيل العراقية، ثم تتجه بعد ذلك لتأسيس قاعدة في كركوك.

ويعود الكاتب إلى زيارة بومبيو قائلا إنها تأتي في إطار صفقة القرن وعقد سلام دائم بين العرب وإسرائيل.

عداء لإيران
ويعتبر كورشون أن واشنطن تنتهج سياسة عداء إيران من أجل تحقيق هذا الهدف، حيث سيطلب من الدول العربية التي بنت علاقات دبلوماسية سرية مع إسرائيل إظهار هذه العلاقات للعلن، وسيُطلب من الدول العربية التخلي عن القدس مقابل دعمهم ضد إيران.

ويضيف كورشون أن الهدف الآخر من جولة بومبيو هو إعادة العلاقات مع النظام السوري، وذلك لخفض مستوى قوة تركيا في سوريا، ولإضعاف علاقة النظام السوري بروسيا، وكل هذا من أجل محاولة إعادة العمل بالسياسة الأميركية التقليدية.

ويقول الكاتب إن عرض بومبيو للدول العربية سيكون سهل القبول لديها بعد جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي والوضع الذي وقعت في السعودية إثر ذلك.

ويختم بأن القصة الحقيقية تكمن في النتائج التي سيصل إليها بومبيو، وأن تحرك بولتون مجرد طُعم فقط لتركيا.

المصدر : الصحافة التركية,الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *